ندور في عجلة الحياة. تتخاطفنا الأحداث. وننسى في داخلنا أننا نفقد شيئا فشيئا حياتنا. ظروف العمل، صعوبة التعامل مع الرئيس، تحديات الدراسة والمراس الصعب لبعض الأساتذة.
والتحديات داخل أسرنا التي سكنتها الأعراف والتقاليد أكثر مما سكنتها المعاني الإيمانية والقيم االإنسانية النبيلة. كلها أمور تجعلنا نستهلك حياتنا، وتصير رؤيتنا فيها شيئا فشيئا أكثر ضبابية.
نظل نتخبط في الضغوط وموجات من الانهيار العصبي، حتى تصير كلمة “السعادة” من الأمور المثالية. ويصير كل من يتحدث عنها شخصا مثاليا، غير واقعي، يعيش في المدينة الفاضلة
للفارابي. وهذا دليل على أننا انغمسنا كليا في متاهات الحياة وفقدنا أنفسنا.
هل هذا الإنسان يمكن أن يكون سعيدا في حياته ؟
فهل من يحيا هكذا يمكن أن يؤتمن على حياته ؟
السؤال الأهم من كل هذا هو: كيف نخرج من هذا الجنون القاتل؟
أليس على بالإنسان أن يبحث عن جواب لهذا السؤال.
إن سرعة انتشار أسلوب الحياة المجنون تزداد يوما بعد يوم، إنه أسلوب البحث عن أكبر قدر في أقل وقت وبأسرع الطرق. كما صار يحثنا على إنتاج المزيد، وامتلاك المزيد، لاسيما أن هناك فكرة تشبهها تستهلك في الشركات والمعامل: “إنتاج كمية أكبر في وقت زمني أقل”. ودعمت التكنولوجية الحديثة بكل ثقلها هذا المبدأ. لكن الإنسان المسكين صارت حياته مدمرة لا يعرف ما يقدم وما يؤخر فيها.
فهلا سألت نفسك أيها الإنسان عن قدر الطاقة والوقت اللذان تبذلهما في كل مجال من مجالات حياتك: الروحانية، الصحية، الشخصية، العائلية، الاجتماعية، المهنية، المادية.
إن حرت في إجابتك فخذ بعض الوقت لتسأل نفسك عن دورك كأب ؟ كزوج ؟ كطالب ؟ كعامل ؟ و كإنسان ؟
استعد مجالات حياتك كلها فقد سرقت منك.
اسأل نفسك : ما أهم شي في حياتي الآن ؟
دون إجابتك بدون أن تتردد، أكتب الأشياء التي تأخذ معظم وقتك.
والآن اسأل نفسك : ما أهم شي في حياتي بالفعل ؟
صحتك وأولادك وعائلتك ونموك وتطورك الشخصي…
إن إجابتك على السؤال الأول تعكس معتقداتك الخاطئة واضطراب أدوارك وما تعيشه في حياتك.
أما إجابتك الثانية هي بوصلة حياتك ومعيارك في تجربتك الحالية.
وان كانت إجابتك الأولى هي نفسها إجابتك الثانية فأنت من القلة القليلة المحظوظة في هذه الحياة.
إن الكلمات والعبارات والأفكار والمعاني التي نتحدث عنها في هذا الكتاب حقيقة، بل غاية الحقيقة. إن أيامك التي تمر وأنت لا تفكر في هذه المعاني، سوف تتوالى مكونة أسابيع، وستأنساب الأسابيع مكونة أشهر، وبدون أن تشعر، سوف تصل إلى نهاية حياتك، وأنت لم تعش بعد ما تريد. انتبه للسرقة الحقيقية، إنها سرقت حياتك.
انتبه للسرقة الحقيقية، إنها سرقت حياتك